16 مارس، 2022
منذ عام 1864 بدأت مظلة حماية ضحايا الحرب تتبلور من خلال اتفاقية جنيف الأولى لعام 1864 بشأن حماية الجرحى من أفراد القوات المسلحة في الميدان. ومع تطور النزاعات المسلحة واحتياج فئات أخرى للدخول تحت مظلة حماية القانون الدولي الانساني ،بدأت الحماية تتسع لشمل فئة المرضى اضافة الى الجرحى من افراد القوات المسلحة في الميدان وانطبقت ذات الحماية على الضحايا من الغرقى والمنكوبين في البحار. وفي اعقاب الحرب العالمية الأولى دخلت فئة جديدة وهي أسرى الحرب، ثم وفي اعقاب الحرب العالمية الثانية اتسعت المظلة لتشمل أيضاً المدنيين واضافة إلى هذه الفئات الرئيسية دخلت ايضاً تحت مظلة الحماية مجموعة من موظفي الخدمات الإنسانية.
ولكن القانون الدولي الانساني لم يعامل ضحايا النزاعات المسلحة الدولية والنزاعات المسلحة غير الدولية على حد سواء إذ اسهب في احكام الحماية الخاصة بحقوق ضحايا النزاعات الدولية . وإزاء هيمنة مبدأ سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية جاءت احكام الحماية المخصصة لضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية اقل بكثير.
وفقاً لموضوع اتفاقيات 1949 نرى أن القانون الدولي الانساني حدد فئات معينة وكفل لها حقوقاً على أطراف النزاع مراعاتها أثناء النزاع المسلح وتتمثل في الفئات في:
جميع المدنيين الواقعين تحت سلطة طرف في النزاع والذين لا يشاركون بشكل مباشر في العمليات العدائية، وكذلك على جميع الأشخاص العاجزين عن القتال سواء بسبب الجرح أو المرض أو النكبة في البحار أو الوقوع في الأسر
تنطبق الضمانات الأساسية على جميع المدنيين الواقعين تحت سلطة طرف في النزاع والذين لا يشاركون بشكل مباشر في العمليات العدائية، وكذلك على جميع الأشخاص العاجزين عن القتال
تتمتع كافة الفئات المحمية بالضمانات الأساسية التالية:
1- المعاملة الإنسانية في كافة الأحوال.
2-حظر الأفعال التالية:
أ) ممارسة العنف إزاء حياة الأشخاص أو صحتهم أو سلامتهم البدنية أو العقلية.
ب) انتهاك الكرامة الشخصية.
ج) أخذ الرهائن.
د ) العقوبات الجماعية.
هـ) التهديد بارتكاب أي من الأفعال المذكورة آنفاً.
3-وجوب إبلاغ أي شخص يقبض عليه أو يحتجز أو يعتقل بأسباب اتخاذ هذه التدابير، ويجب إطلاق سراح هؤلاء الأشخاص في أقرب بمجرد زوال الظروف التي بررت القبض عليهم أو احتجازهم أو اعتقالهم عدا من قبض عليهم أو احتجزوا لارتكاب جرائم.
4- لا يجوز إصدار أي حكم أو تنفيذ أية عقوبة حيال أي شخص تثبت إدانته في جريمة مرتبطة بالنزاع المسلح إلا بناءً على حكم صادر عن محكمة محايدة تشكل هيئتها تشكيلاً قانونياً وتلتزم بالمبادئ التي تقوم عليها الإجراءات القضائية المرعية والمعترف بها عموماً.
بالإضافة إلى هذه الضمانات الأساسية التي تتمتع بها كافة
الفئات المحمية، تنص أحكام القانون الدولي الإنساني على أحكام خاصة بكل فئة على حدة، وذلك على النحو التالى:
وهم الأشخاص العسكريون أو المدنيون اللذين يحتاجون إلى مساعدة طبية واللذين يحجمون عن أي عمل عدائي. بالإضافة إلى:
■ اتخاذ كل التدابير الممكنة للبحث والجمع والإجلاء والتسجيل.
■ تقديم الرعاية الطبية ودون إبطاء مع عدم التمييز سوى لاعتبارات الطبية.
■ اتخاذ الإجراءات الممكنة للحماية من سوء المعاملة ومن نهب الممتلكات الشخصية.
لقد تطور نظام أسري الحرب تطوراً ملحوظاُ عبر التاريخ وهو ظاهرة ملازمة لجميع الحروب القديمة والحديثة، وفي القانون الدولي الحديث يرتبط الوضع القانوني لأسرى الحرب بوضع المقاتل نفسه. لان هذا الأخير يجب أن تتوفر فيه شروط معينة حتى يحق له أن يشارك في العمليات الحربية ويعامل كأسير حرب عند وقوعه في قبضة العدو. كل مقاتل يقع في أيدي العدو فهو أسير حرب
المقاتل هو من ينتمي إلى أحد الفئات التالية׃
أ-الجواسيس هو الشخص “الذي يعمل خيفة أو في مظهر زائف لجمع أو محاولة جمع معلومات في منطقة الأعمال الحربية لأحد الأطراف المتحاربة بنية إيصال تلك المعلومات إلى طرف العدو”
ب-المرتزقة: إن الارتزاق في الحروب ظاهرة قديمة حديثة وقد تناولها الكثير من الخبراء والباحثين بالدرس والتحليل ، والوضع الحالي للمرتزقة على ضوء احكام القانون الدولي الإنساني ورد في نص المادة 47 من اتفاقية جينيف الثالثة و المكونة من فقرتين، تقضي أولاهما بعدم منح المرتزق صفة المقاتل او اسير الحرب، وتحدد الثانية شروط تعريف المرتزق.
وإذا كان الجواسيس والمرتزقة لا يتمتعون بوصف الأشخاص المشمولين بحماية القانون الدولي الإنساني، فهل يعنى ذلك أنهم لا يتمتعون بأية ضمانات قانونية؟ بالقطع ستكون الإجابة بالنفي ، لإنهم في هذه الحالة ومنذ لحظة القبض عليهم يتمتعون بكافة الضمانات التي يكفلها القانون الوطني والاتفاقيات ذات الصلة في قانون حقوق الإنسان للأشخاص المتهمين.
إن المادة الثالثة المشتركة للاتفاقيات الأربع تتضمن مبدأ المعاملة الإنسانية لجميع الأشخاص الذين لا يشاركون مباشرة في عمليات القتال أو الذين لم يعودوا قادرين على ذلك ومن بينهم أفراد القوات المسلحة الذين القوا السلاح بصورة جماعية أو فردية. والمعاملة الإنسانية هي المبدأ الذي تقوم عليه الاتفاقيات جميعها، لكنه لا يعني أن لمقاتلي النزاعات المسلحة الداخلية وضع أسير الحرب بل يمكن لدولتهم ان تحكمهم وفقاً لقوانينها حتى وإن لم يقوموا سوى بحمل السلاح لكن يجب مراعاة الشروط والضمانات القضائية.
عرفت اتفاقية جينيف الرابعة المدني بإنه هو كل من لا يعد مقاتل. وهذا مسلك حميد من قبل واضعي الاتفاقية ، إذ قررت بذلك أن الأصل أن الشخص محمى إلا إذا كان مقاتل، ولذلك وضعت لنا تحيد دقيق لتعريفه وأصبح بمفهوم المخالفة من لا ينطبق عليه هذا الوصف من الأشخاص المدنيين.
أفراد الخدمات الطبية هم الأشخاص الذين يوكل إليهم طرف في النزاع مهمة القيام حصرياً بالبحث عن الجرحى، والمرضى، والمنكوبين في البحار، وجمعهم، ونقلهم، وتشخيص حالاتهم أو معالجتهم، بما في ذلك خدمات الإسعافات الأولية، والوقاية من الأمراض، وبإدارة الوحدات الطبية، أو بتشغيل أو إدارة النقل الطبي.
ويجب في جميع الأحوال احترام وحماية أفراد الخدمات الطبية القائمين بالمهام الطبية دون غيرها. ويفقدون هذه الحماية إذا ارتكبوا أعمالاً ضارة بالعدو وتخرج عن نطاق وظيفتهم الإنسانية.
يقصد بأفراد الخدمات الدينية الأشخاص ـ عسكريين كانوا أم مدنيين ـ المكلفون بالقيام حصرياً بالمهمة الملقاة على عاتقهم دون غيرها، ويكونون تابعين لطرف في النزاع، وملحقين بوحداته الطبية، أو وسائط النقل الطبية، أو أجهزة الدفاع المدني سواء كانت هذه المهمة دائمة أو مؤقتة.
يجب في جميع الأحوال احترام وحماية أفراد الخدمات الدينية المخصّصين للمهام الدينية دون غيرها. ويفقدون هذه الحماية إذا ارتكبوا أعمالاً ضارة بالعدو وتخرج عن نطاق وظيفتهم الإنسانية.
ويحظر إنزال العقاب بشخص لقيامه بواجبات طبية تتفق مع شرف المهنة الطبية أو إرغام شخص يمارس أنشطة طبية على القيام بأعمال تتنافى وشرف المهنة الطبية
أثناء النزاعات المسلحة كثيراً ما يختلط الحابل بالنابل وتختفي أنباء العديد من الأشخاص بسبب الأعمال العدائية وآثارها قرب مناطق العمليات أو بعيداً منها، وأهتم القانون الدولي بهذه الناحية سعياً إلى معرفة الأسر مصير ذوي قربها وأين انتهى بهم المطاف بعد اندلاع النزاع، وضمانا للحقوق المترتبة على الموت او الغياب
فئات أخرى مشمولة بحماية خاصة
فضلا عن قواعد الحماية المقررة للفئات السابقة ، توجد العديد من الأحكام التي تضفي حماية ومعاملة مميزة للموتى، والمفقودين، والنازحين، والنساء والأطفال، وكبار السن والمعوقين والعجزة، وأفراد الغوث الإنساني، والصحفيين.