bx-arrow-back المقالات

14 مارس، 2022

اللجنة الدولية للصليب الأحمر والحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر

تعد اللجنة الدولية هي المؤسس للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر التي تتكون من اللجنة الدولية والاتحاد الدولي والجمعيات الوطنية. ويحدد النظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر اختصاصات كل مكون من مكونات الحركة الدولية، كما تبين اتفاقية إشبيلية كيفية تنظيم الأنشطة الدولية التي تشترك مكونات الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في القيام بها.

وبخلاف الأنشطة الدولية المشتركة، فإن كل مكون من مكونات الحركة الدولية يقوم على حدة بالاضطلاع بمهام تختلف عن تلك التي يضطلع بها أي مكون آخر من مكونات الحركة الدولية ووفقاً لمعايير مختلفة. ولقد أكد النظام الأساسي للحركة الدولية استقلال كل مكون من مكونات الحركة مع التأكيد على أهمية التعاون بالنص على أن “تعمل مكونات الحركة في جميع الأوقات، ومع الحفاظ على استقلالها في حدود هذا النظام الأساسي، وفقاً للمبادئ الأساسية كما تتعاون مكونات الحركة الدولية وتدعم بعضها البعض من أجل تحقيق الأهداف الإنسانية المشتركة”.

والأهداف الإنسانية المشتركة لمكونات الحركة الدولية – كما نصت عليها ديباجة اتفاقية إشبيلية – هي “تدارك معاناة البشر وتخفيفها في جميع الأحوال، وحماية الحياة والصحة وضمان احترام الإنسان، وبخاصة في أوقات النزاع المسلح وحالات الطوارئ الأخرى، والعمل على الوقاية من المرض وتعزيز الصحة والرعاية الاجتماعية، والتشجيع على الخدمة الطوعية واستعداد أعضاء الحركة الدائم للمساعدة والشعور العالمي بالتضامن تجاه جميع المحتاجين إلى حمايتها ومساعدتها”.

وقبل التعرض للدور الذي تلعبه اللجنة الدولية في إطار الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر لابد من أن نتناول أولاً مكونات وأجهزة الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر ومبادئها الأساسية.

المطلب الأول: مكونات الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر

تتكون الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر من كيانات ثلاثة هي اللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، والجمعيات الوطنية للصليب الأحمر أو الهلال الأحمر.

1- اللجنة الدولية للصليب الأحمر

تضطلع اللجنة الدولية بالعديد من المهام والأنشطة الوارد ذكرها في المادة 5 من النظام الأساسي للحركة الدولية، والهدفان الأساسيان للجنة الدولية هما تقديم الحماية والمساعدة لضحايا النزاعات المسلحة، والعمل على نشر وتطوير أحكام القانون الدولي الإنساني ولا يتسع المجال هنا لمناقشة كافة أنشطة اللجنة الدولية، ونظراً لكون الدور الذي تضطلع به اللجنة الدولية في إطار الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر هو محور هذا المبحث فقد أفردنا له المطلب الثالث من هذا المبحث.

2- الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر

الاتحاد الدولي الذي يضم في عضويته جميع الجمعيات الوطنية المعترف بها، هو منظمة إنسانية مستقلة ليس لها أي طابع حكومي، تهدف إلى تشجيع وتسهيل وتعزيز جميع الأنشطة الإنسانية التي تضطلع بها الجمعيات الوطنية لدرء وتخفيف المعاناة الإنسانية. ويستخدم الاتحاد الدولي بغرض التعريف شارة الصليب الأحمر والهلال الأحمر معاً على خلفية بيضاء.

وتتمثل وظائف الاتحاد في القيام بالأعمال التالية:

• العمل كجهاز دائم للاتصال والتنسيق والدراسة بين الجمعيات الوطنية وتقديم أية مساعدة قد تطلبها هذه الجمعيات.

• التشجيع والمساعدة على إنشاء جمعيات وطنية مستقلة ومعترف بها في كل بلد، وتنميتها.

• إغاثة ضحايا الكوارث.

• مساعدة الجمعيات الوطنية فيما تتخذه من تدابير استعداداً لتنفيذ أعمال الإغاثة  في حالات الكوارث، وفي تنظيم عمليات الإغاثة وأثناء تنفيذ هذه العمليات.

• تنظيم وتنسيق وتوجيه عمليات الإغاثة الدولية وفقاً للمبادئ والقواعد التي  يعتمدها المؤتمر الدولي.

• تشجيـع وتنسـيق مشـاركـة الجمعـيات الوطـنية فـي الأنشطـة الراميـة إلـى المحافظة على صحة السكان وتعزيز الرعاية الاجتماعية، وذلك بالتعاون مع الجمعيات الوطنية المختصة.

• تشجيع وتنسيق تبادل الأفكار بين الجمعيات الوطنية فيما يتعلق بتلقين  الأطفال والشباب المثل العليا الإنسانية وتوثيق روابط الصداقة بين شباب جميع البلدان.

• مساعدة الجمعيات الوطنية في استقطاب الأعضاء من بين الأهالي عموماً وتلقينهم مبادئ الحركة ومثلها العليا.

• إغاثة ضحايا النزاعات المسلحة طبقاً للاتفاقات المبرمة مع اللجنة الدولية.

• مساعدة اللجنة الدولية في تعزيز القانون الدولي الإنساني وتطويره والتعاون  معها في نشر هذا القانون والمبادئ الأساسية للحركة بين الجمعيات الوطنية.

• تمثيل الجمعيات الأعضاء بصفة رسمية على الصعيد الدولي.

• الاضطلاع بالمهام التي يسندها إليه المؤتمر الدولي.

تلك هي أهم المهام التي يضطلع بها الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر كما وردت في النظام الأساسي للحركة الدولية. وكان القصد من ذكرها بيان اختلاف المهام الموكلة بموجب ذات النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمر، ولذا اقتصرت المعلومات على عرض المهام حيث أن تقييم عمل الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر يخرج عن نطاق هذه الدراسة. ولكن نخلص من هذا العرض إلى أن مهام الاتحاد الدولي تقتصر على زمن الكوارث في حين أن مهام اللجنة الدولية تنصرف إلى النزاعات المسلحة.

3- الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر

تضطلع الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر بمهامها الإنسانية وفقاً لأنظمتها الأساسية وتشريعاتها الوطنية من أجل تحقيق رسالة الحركة ووفقاً للمبادئ الأساسية. وتدعم الجمعيات الوطنية السلطات العامة في تنفيذ مهامها الإنسانية، تبعاً لاحتياجات السكان في كل بلد.

الجمعيات الوطنية هي داخل بلدانها جمعيات وطنية مستقلة توفر إطاراً لا غنى عنه لأنشطة متطوعيها وموظفيها. وهي تسهم مع السلطات العامة في الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة وتخفيف المعاناة البشرية من خلال برامجها الخاصة لمنفعة المجتمع في مجالات مثل التثقيف والصحة والرعاية الاجتماعية. وتنظم الجمعيات الوطنية بالتنسيق مع السلطات العامة عمليات الإغاثة في حالات الطوارئ وغيرها من الخدمات لمساعدة ضحايا النزاعات المسلحة وفقاً لاتفاقيات جنيف وضحايا الكوارث الطبيعية وسائر حالات الطوارئ المحتاجة إلى مساعدتها. وهي تنشر القانون الدولي الإنساني ومبادئ الحركة الدولية وتساعد الحكومات في نشره، كما تتعاون كذلك مع الجهات الحكومية المعنية لضمان احترام القانون الدولي الإنساني وتأمين حماية شارتي الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

وتقوم كل جمعية وطنية على الصعيد الدولي وفي حدود مواردها بمساعدة ضحايا النزاعات المسلحة وفقاً لاتفاقيات جنيف وضحايا الكوارث الطبيعية وسائر حالات الطوارئ وتقدم هذه المساعدة في شكل خدمات وعاملين ودعم مادي أو مالي أو معنوي من خلال جمعيات وطنية أخرى أو اللجنة الدولية أو الاتحاد الدولي. وتسهم الجمعيات قدر طاقتها في تنمية الجمعيات الوطنية الأخرى التي تحتاج إلى هذه المساعدة، بغية تقوية الحركة بأسرها وتنسق المساعدة الدولية بين عناصر الحركة.

ومن أجل تنفيذ هذه المهام تقوم الجمعيات الوطنية باستقطاب العاملين اللازمين للاضطلاع بمسؤولياتها وتدريبهم وتعيينهم. وتشجع الجمعيات الوطنية الجميع وبخاصة الشباب على المشاركة في أنشطتها.

وتدعم الجمعيات الوطنية الاتحاد الدولي موجب أنظمتها الأساسية، كما تقدم دعمها الطوعي، كلما أمكن ذلك، للجنة الدولية في عملها الإنساني.

المطلب الثاني: أجهزة الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر

تعمل على تسيير أمور الحركة الدولية ثلاثة أجهزة، هي المؤتمر الدولي، ومجلس المندوبين، واللجنة الدائمة.

1- المؤتمر الدولي

المؤتمر الدولي هو الهيئة العليا للحركة الدولية وتتألف عضويته من وفد اللجنة الدولية، ووفد الاتحاد الدولي، ووفود الجمعيات الوطنية، وممثلي الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، وللوفود حقوق متساوية ولكل منها صوت واحد، ولا يجوز لمندوب أن ينتمي لأكثر من وفد واحد، ولا يجوز لوفد أن يمثله وفد آخر وعضو في وفد آخر.

ويقوم أعضاء المؤتمر الدولي ببحث القضايا الإنسانية ذات الاهتمام المشترك، وأية قضايا أخرى تتصل بها، وإصدار القرارات بشأنها وبطبيعة الحال تتخذ هذه القرارات شكل توصيات موجهة إلى مكونات الحركة و الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف.

وينعقد المؤتمر مرة كل أربع سنوات ما لم يقرر خلاف ذلك، ويدعو إلى انعقاده الجهاز المركزي لإحدى الجمعيات الوطنية، أو اللجنة الدولية أو الاتحاد الدولي بموجب تفويض صادر لهذا الغرض إما من المؤتمر الدولي السابق أو اللجنة الدائمة، وتتخذ القرارات بالتوافق وفي حالة عدم تحققه يتم اتخاذ القرار بأغلبية الأعضاء الحاضرين المصوتين.

ويسهم المؤتمر الدولي من خلال توفير لقاء يجمع مكونات الحركة الدولية والدول الأطراف في اتفاقيات جنيف في ضمان وحدة الحركة الدولية وتحقيق أهدافها واحترام مبادئها الأساسية، كما يسهم كذلك في احترام وتطوير القانون الدولي الإنساني إذ تعرض عليه مشروعات الاتفاقيات  الدولية المعنية بالقانون الدولي الإنساني والتي تعدها اللجنة الدولية للصليب الأحمر على النحو الذي سنستعرضه عند الحديث عن دور اللجنة الدولية في تطوير أحكام القانون الدولي الإنساني في الفصل الأول من الباب الأول.

ويختص المؤتمر الدولي – وفقاً لنص المادة 10 من النظام الأساسي للحركة الدولية – بالقيام بثماني وظائف هي:

•  تعديل النظام الأساسي للحركة الدولية والقواعد الإجرائية.

• اتخاذ القرار النهائي في أي خلاف حول تفسير وتطبيق النظام الأساسي

والقواعد الإجرائية، بناءً على طلب أي عضو من أعضاء المؤتمر.

• البت في أي مسألة خلافية تنشأ بين الاتحاد الدولي واللجنة الدولية، بناءً على إحالة من اللجنة الدائمة أو اللجنة الدولية أو الاتحاد.

• انتخاب أعضاء اللجنة الدائمة للحركة الدولية مع مراعاة الصفات الشخصية ومبدأ التوزيع الجغرافي العادل.

• في حدود النظام الأساسي وقواعد الإجراءات يعتمد المؤتمر الدولي قراراته أو توصياته أو إعلاناته في شكل قرارات.

• يجوز للمؤتمر الدولي أن يسند ولايات إلى اللجنة الدولية والاتحاد الدولي في حدود نظاميهما الأساسيين والنظام الأساسي للحركة.

•  يجـوز للمؤتمر الدولي أن يضع، عند الاقتضاء وبأغلبية ثلثي الأعضاء الحاضرين والمصوتين، لوائح لتنظيم مجالات مثل الإجراءات ومنح الأوسمة.

• يجوز للمؤتمر الدولي أن ينشئ، لمدة انعقاد المؤتمر، هيئات فرعية وفقاً  لقواعد الإجراءات.

2-مجلس المندوبين

مجلس مندوبي الحركة الدولية للصليب الأحمر هو الجهاز الذي يجتمع فيه ممثلو جميع عناصر الحركة لمناقشة المسائل التي تهم مجموع الحركة كالمسائل المتعلقة بتنسيق العمل بين مكونات الحركة. ويتكون هذا المجلس من وفود الجمعيات الوطنية، واللجنة الدولية، و الاتحاد الدولي، وللوفود حقوق متساوية ولكل منها صوت واحد، وعلى المجلس أن يسعى إلى اتخاذ قراراته بالتوافق وفي حالة عدم تحققه يتم اتخاذ القرار بأغلبية الأعضاء الحاضرين المصوتين.

ويختص المجلس باتخاذ قرارات بشأن جميع المسائل التي تخص الحركة والتي قد يحيلها إليه المؤتمر الدولي أو اللجنة الدائمة أو الجمعيات الوطنية أو الاتحاد الدولي ، وينعقد المجلس بمناسبة انعقاد كل دورة من دورات المؤتمر الدولي، قبل افتتاح المؤتمر، أو بناءً على طلب ثلث الجمعيات الوطنية، أو اللجنة الدولية، أو الاتحاد الدولي، أو اللجنة الدائمة، وينتخب المجلس رئيسه ونائب الرئيس، ويجب أن يمتنع المتحدثون عن الدخول في مجادلات ذات طابع سياسي أو عرقي أو ديني، ويعد ذلك تطبيقاً لمبدأ الحياد الذي يعد أحد المبادئ الأساسية التي تحكم عمل الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر والتي سنستعرضها في الفصل التالي.

3- اللجنة الدائمة

تتألف اللجنة الدائمة من تسعة أعضاء، خمسة من الجمعيات الوطنية ينتخبهم المؤتمر الدولي، وعضوان يمثلان اللجنة الدولية على أن يكون أحدهما رئيسها، وعضوان يمثلان الاتحاد الدولي على أن يكون أحدهما رئيسه. وهي الجهاز المفوض من قبل المؤتمر الدولي بين كل دورتين من دورات المؤتمر للإعداد لدورة المؤتمر الدولي التالية، واتخاذ الترتيبات اللازمة لدورة مجلس المندوبين التالية. وتتخذ القرارات بأغلبية الأصوات.

المطلب الثالث: دور اللجنة الدولية في إطار الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر

يتضمن كل من النظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، والنظام الأساسي للجنة الدولية نصوصاً تتعلق بالدور الذي تنهض به اللجنة الدولية في إطار الحركة الدولية، ويتمثل هذا الدور في القيام بخمس وظائف هي:

1- الاعتراف بالجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر

لكي تتمتع جمعية ما بعضوية الحركة الدولية لابد أن تعترف بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر متى توافرت لها شروط معينة نصت عليها المادة الرابعة من النظام الأساسي للحركة الدولية وهذه الشروط هي:

1- أن تكون منشأة في أراضي دولة مستقلة تسري فيها اتفاقية جنيف لتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان.

2- أن تكون الجمعية الوطنية الوحيدة للصليب الأحمر أو الهلال الأحمر في هذه الدولة وأن يديرها جهاز مركزي له وحده صلاحية تمثيلها لدى العناصر الأخرى للحركة.

3- أن تعترف بها حكومة بلدها الشرعية حسب الأصول على أساس اتفاقيات جنيف والتشريع الوطني باعتبارها جمعية إغاثة طوعية معاونة للسلطات العامة في المجال الإنساني.

4- أن تتمتــع بوضــع مسـتقــل يتيــح لهــا ممارســة نشــاطهــا وفقــاً للمبــادئ الأساسية للحركة.

5- أن تستخدم اسماً وشارة مميزة وفقاً لاتفاقيات جنيـف وبروتوكولاتها الإضافية.

6- أن يكون لها تنظيم يسمح لها بأداء المهام المحددة في نظامها الأساسي، بما في ذلك الاستعداد في وقت السلم للمهام التي تقع عليها في حالة النزاع المسلح.

7- أن تغطي بأنشطتها أراضي الدولة بأكملها.

8- أن تستقطب متطوعيها وموظفيها دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو الطبقة أو الدين أو الرأي السياسي.

9- أن تلتزم بهذا النظام الأساسي، وتشارك في التضامن الذي يوحّد عناصر الحركة وتتعاون مع هذه العناصر.

10- أن تحترم المبادئ الأساسية للحركة وتسترشد في عملها بمبادئ القانون الدولي الإنساني.

وعندما تطلب جمعية وطنية ما الاعتراف بها من قبل الحركة تقوم اللجنة الدولية بالتأكد من التزام هذه الجمعية بتلك الشروط العشرة من خلال فحص الأوراق ذات الصلة كالنظام الأساسي للجمعية، كما تقوم بإيفاد مندوبين لزيارة الدولة التي توجد الجمعية على إقليمها.

وعند النظر في أمر الاعتراف بالجمعيات الوطنية لا تتمسك اللجنة الدولية بتفسير ضيق لشروط الاعتراف وإنما تظهر قدراً من المرونة في هذا التفسير، فعلى سبيل المثال اعترفت اللجنة الدولية بالجمعيتين الوطنيتين لليبيريا وبولندا رغم أن كلاً منهما عند اعتراف اللجنة الدولية لم تكن تمارس نشاطها في كافة أنحاء الدولة التابعة لها. ولكن لا تظهر اللجنة الدولية مثل هذه المرونة في تفسير كل الشروط، فلا تتساهل اللجنة الدولية مثلاً في ضرورة التزام الجمعية الوطنية المعنية بالمبادئ الأساسية للحركة.

وفي عام 1971 وضعت اللجنة الدولية بالاشتراك مع الاتحاد الدولي نظاماً أساسياً نموذجياً تستعين به الجمعيات الوطنية عند وضع أنظمتها الأساسية الخاصة بها، وفي عام 1981 أضيف إليه ملحق يبين كيفية وضع نظام أساسي للجنة وطنية ذات جهاز تنظيمي بسيط، وذلك كنموذج لمساعدة اللجان الوطنية في الدول الصغيرة والجزر في وضع أنظمتها الأساسية.

2-صون ونشر المبادئ الأساسية للحركة الدولية

كما تعمل اللجنة الدولية على صون ونشر القانون الدولي الإنساني فإنها تعمل كذلك على صون ونشر المبادئ الأساسية للحركة الدولية للصليب الأحمر على كافة المستويات، وفي إطار الحركة الدولية، تقوم اللجنة الدولية بنشر هذه المبادئ الأساسية والتأكيد عليها بصفة خاصة بين الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر المنتشرة في كافة أنحاء العالم.

تتولى كل جمعية وطنية للصليب الأحمر أو الهلال الأحمر تقديم المساعدات الإنسانية وفقاً لنظامها الأساسي و مبادئ الحركة الدولية، وبطبيعة الحال تكون معظم أعمال العنف التي ترتكب داخل أي دولة ناتجة عن عوامل ثقافية وعرقية، فغالباً ما يكون العزل عن المجتمع أو الحرمان من الحقوق السياسية أو الاقتصادية، وغيرها من المشكلات التي تعمل الجمعيات الوطنية على مساعدة ضحاياها ناتجة عن أسباب عرقية أو ثقافية، ولا يمكن تقديم المساعدة للضحايا في مثل هذه الحالات بدون احترام المبادئ الأساسية للحركة الدولية والتمسك بها وبصفة خاصة مبادئ الإنسانية والحياد وعدم التحيز على النحو الذي سنستعرضه في الفصل التالي.

ومن هنا تتضح أهمية قيام اللجنة الدولية من خلال بعثاتها المنتشرة في أنحاء العالم بنشر المبادئ الأساسية للحركة الدولية والتأكيد عليها. وتركز اللجنة الدولية عند قيامها بالعمل على نشر القانون الدولي الإنساني والمبادئ الأساسية للحركة على القيم العرقية والثقافية.

وتعد جهود بعثة اللجنة الدولية بالقاهرة – في عامي 1994 و1995– نموذجاً يحتذى به في هذا المجال، إذ نشرت العديد من المطبوعات التي تحوي مقاطع من الأدب والشعر تتضمن المفاهيم الإنسانية المستوحاة من التراث العربي الإسلامي ومن التراث المسيحي وأوامر القادة العسكريين العرب. ولا تزال بعثات اللجنة الدولية للصليب الأحمر تحافظ على الاستعانة بالتراث المحلي المتعلق باحترام ضحايا النزاعات المسلحة عند إعداد المطبوعات التعريفية باللجنة الدولية للصليب الأحمر وبصفة خاصة عند إقامة الندوات والفعاليات المحلية.

3- تنسيق أعمال الإغاثة التي تقوم بها الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر

تقيم اللجنـة الدولية عـلاقـات وثيقة مـع الجمعيات الوطنية، وتتعاون معها فـي المجالات ذات الاهتمام المشترك مثل العمل سوياً في أوقات النزاعات المسلحة، وضمان احترام اتفاقيات جنيف وتطوير ونشر المبادئ الأساسية القانون الدولي الإنساني.

وعندما ترغب إحدى الجمعيات الوطنية في تقديم مساعدات لضحايا نزاع مسلح ما في دولة أو دول أخرى تتولى اللجنة الدولية بالتعاون مع الجمعية الوطنية بالبلد المعني أو البلدان المعنية، تنسيق هذه المساعدة.

ووفقاً لاتفاقية إشبيلية لعام 1997 تعمل اللجنة الدولية – في إطار الحركة الدولية– بوصفها “الوكالة الرائدة” في حالات النزاع المسلح الدولي وغير الدولي، والاضطرابات الداخلية. ويمنح هذا الوصف اللجنة الدولية الاختصاص بالتوجيه العام وتنسيق جهود الإغاثة الدولية التي تقوم بها الجمعيات الوطنية. ويترتب على هذا الاختصاص القيام بمسؤوليات عامة، وأخرى خاصة على النحو التالي:

أ- المسؤوليات العامة

بموجب الفقرة الأولى من المادة 6 (1) من اتفاقة إشبيلية، تضطلع اللجنة الدولية للصليب الأحمر عند قيامها بالعمل كوكالة رائدة بتحديد الأهداف العامة لعملية الإغاثة الدولية بناء على إمكانية الوصول للضحايا والعمل على تحقيق هذه الأهداف، كما تتولى تنسيق عمليات الإغاثة الدولية من جانب الصليب الأحمر والهلال الأحمر مع الأنشطة الإنسانية التي تؤديها منظمات أخرى. وفضلا عن ذلك تعمل اللجنة الدولية كمتحدث باسم عملية الإغاثة الدولية وتقوم بتعبئة الموارد المالية لعملية الإغاثة والتأكد من أن الموارد التي أمكن تعبئتها لعملية الإغاثة الدولية تدار بطريقة سليمة من جانب الجمعيات الوطنية العاملة والمشاركة.

ب- المسؤوليات الخاصة

بالإضافة إلى المسؤوليات العامة السالف ذكرها، تختص اللجنة الدولية – بموجب نص الفقرة 2 (1) من المادة 6 (1) من اتفاقية إشبيلية – بالاضطلاع ببعض المسؤوليات الخاصة عند قيامها بدور الوكالة الرائدة، وهذه المسئوليات الخاصة هي:

• إقامة علاقات واتصالات والمحافظة عليها مع جميع أطراف النزاع واتخاذ أي خطوات ضرورية لسير عمليات الإغاثة الدولية للضحايا وفقاً للأحكام واجبة التطبيق من القانون الدولي الإنساني وبما يتماشى مع لمبادئ الأساسية للاستقلال والحياد وعدم التحيز.

• تحمل المسؤولية الأخيرة عن عمليات الإغاثة الدولية في مواجهة أطراف النزاع ومجتمع الدول لأطراف في اتفاقيات جنيف.

• تحديد التدابير الضرورية لضمان السلامة البدنية إلى أقصى حد ممكن للأفراد المشتركين في عمليات الإغاثة في الميدان والتأكد من تطبيق هذه التدابير.

• ضمان احترام القواعد السارية المتعلقة باستخدام شارتي الصليب الأحمر والهلال الأحمر في أغراض الحماية.

• إعــداد بيانات عـن كيفيـة ســير عمليــة الإغـاثة بالتشـاور مـع الجمعيـات الوطنية المعنية.

4- قيادة تنظيم أعمال الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر

تنهض اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدور كبير في تنظيم أعمال الحركة الدولية، فاثنان من أعضاء اللجنة الدائمة التسعة ينتميان إلى اللجنة الدولية، وغالباً ما ينتخب رئيس اللجنة الدولية رئيساً لمجلس المندوبين. 

ورغم أن وفود الدول، والجمعيات الوطنية والاتحاد الدولي تتمتع في المؤتمر الدولي بحقوق متساوية ولكل منها صوت واحد، فإن اللجنة الدولية تلعب دوراً ريادياً في نطاق أعمال المؤتمر الدولي، فغالبية الوثائق التي تعرض على المؤتمر الدولي تعدها اللجنة الدولية منفردة أو بالاشتراك مع الاتحاد الدولي، كما أن التعليق على هذه الوثائق يقدم من ممثلي اللجنة الدولية، وتنهض اللجنة الدولية بدور مماثل في إطار مجلس المندوبين.

Menu